الصفحة 860 من 952

(وإلا فإني لا إخالك ناجيًا) يعني: وإلا فإني لا أظنك تنجو، وهاذا البيت لمن؟

قيل: إنه للفرزدق، ونُسِب إلى الأسود بن سريع -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وهو الأليق أن يكون للأسود بن سريع؛ لما فيه من المعاني العظيمة.

قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} . هاذا فيه الجزاء من جنس العمل.

وقوله تعالى: {دَائِرَةُ السَّوْءِ} يعني: هؤلاء قد أحاط بهم السَّوْء من كل مكان، جزاءً لما قام في قلوبهم من الظن السيئ برب العالمين، وهاذا معنى الدائرة، الدائرة هي: ما أحاط بك من كل جانب، فقوله: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} يعني: أحاط بهم السَّوْء وأَحْدَقَ من كل جانب، ومن أحاط به السَّوْء والشر من كل جانب هل له مَخْلَص؟ هل يستطيع انفكاكًا وخروجًا؟ الجواب: لا.

{عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}

وأنتَ تأمَّل في العقوبات والوعيد الوارد، هل ورد نظير هاذا في غير الظن؟ لتعلم أن الظن من أعظم الذنوب جرمًا، وأخطرها إثمًا عند رب العالمين.

فيه كلام لابن عقيل ذكره عندي في الحاشية هنا، قال ابن عقيل:

الواحدُ من العوام إذا رأى مراكبَ مُقَلَّدةً بالذهب والفضة، ودارًا مُشَيَّدةً مملوءةً بالخدم والزينة، قال: انظروا ما أعطاهم مع سوء أفعالهم، ولا يزال يلعنهم ويذم مُعطِيهم حتى يقولوا: فلانٌ يصلي الجماعات والجُمَع ولا يؤذي الذَّرَّ، ولا يأخذ ما ليس له، ويؤدي الزكاة إذا كان له مال، ويُظْهِر الإعجاب كأنه ينطق: لو كانت الشرائع حقّاً لكان الأمر بخلاف ما نرى، وكان الصالح غنيّاً، والفاسق فقيرًا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام