الصفحة 856 من 952

ليس المقصود أن يبقى القرآن والكتاب محفوظًا دون أن يُحفظ حملته، فحِفظ الكتاب بحفظ حملته، حفظًا وفهمًا ودرايةً وعلمًا وعملاً، ولذلك قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) ). وهاذا من لوازم حفظ الكتاب والذكر الذي حفظه الله جل وعلا.

المراد: ينبغي أن نقاوم هاذه الضغوط التي تَرِد على القلوب ليتسرَّب إليها ظنُّ السَّوْء، بل يجب على المؤمن أن يظن بالله -عز وجل- الخير، وإن كان من ظنٍّ سيئ فليظنَّ السوء بنفسه وبني جنسه ممن قصروا في حمل الحق والعمل به، أما وعد الله فوعدُ الله جارٍ لا يمكن أن يتخلف، لكن الله -جل وعلا- قد جعل لكل شيء قَدْرًا ينتهي إليه ويبلغه، فإذا بلغ الكتابُ أجلَه فإنه لا مؤخِّر لحكم الله ولا رادَّ لقضائه، بل لا بد أن يقع: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [1] .

إذًا يا أخي هاذه الأمور والصور التي ذكرها الشيخ -رحمه الله- هي من صور ظن السوء التي ذكرها أهل العلم في قوله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} .

قال رحمه الله: (الذي ظن المنافقون والمشركون في سورة الفتح) .

وهاذا هو ظن السوء الذي ظن المنافقون والمشركون في سورة الفتح، كأن الموضع واحد، يعني: الظن الذي في سورة آل عمران هو الظن المذكور في سورة الفتح.

يقول رحمه الله: (وإنما كان هاذا ظن السوء) لماذا؟ (لأنه ظنُّ غيرِ ما يليق به سُبْحَانَهُ) .

{ظَنَّ السَّوْء} : من باب إضافة الموصوف إلى صفته، يعني: الظن السَّوْء، فهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته، وإنما كان هاذا ظنَّ السوء لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق. يقول رحمه الله: (وإنما كان هاذا ظن السوء) لماذا؟ (لأنه ظنُّ غيرِ ما يليق به سبحانه) .

(1) سورة: يوسف، الآية (21) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام