الصفحة 854 من 952

من أمثلة الظن السيئ الخاص: ما يقع لكثير من الناس إذا نظروا إلى حال أهل الغنى واليسار من أهل المعصية أو الكفر أو الفجور، حيث يقولون: كيف هؤلاء أُعطوا ما أُعطوا وهم على ما هم عليه من كفر، ونحن على ما نحن عليه من طاعة؟ أو: وأنا على ما أنا عليه من طاعة لم أُمَكََّن، ولم أعطَ، ولم يكن لي مثلُ ما كان لهم؟ هاذا لا شك أنه من الظن السيئ برب العالمين؛ لأنه جَهِلَ وخفي عليه أن الله -جل وعلا- يعطي بحكمة، وأن إعطاءه وإمداده لهؤلاء ليس قصرًا عليهم، ولا مكافأةً لهم على كفرهم، بل قد يكون استدراجًا لهم وبلاءً يحاسَبون عليه، ويعاقَبون على ما جرى لهم من الكفر بهاذه النعم التي ساقها الله عليهم.

ثم إنه قد يكون من الحكمة أن يُمنَع الإنسان هاذا؛ ليكمل إيمانه، وتعظم درجته، وينفك من أسباب الردى والفسوق؛ لأن انفتاح الدنيا قد يكون سببًا في حق بعض الناس للفتنة والضلال. المراد: أن الظن السَّوْء، وظن غير الحق ليس محصورًا فيما يتعلق بما ذكر المؤلف رحمه الله، بل هو فيه وفي غيره.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام