أي: إن الأمر له -جل وعلا- فلا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه.
وسيأتي بيان الظن السيئ الذي ظنوه بالله -عز وجل-، هو في هاذا الموضع ظنُّهم أن الله لا ينصر رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأن ما جاء به الرسول ليس حقّاً، وأن الكفار غالبون ظاهرون على أهل الحق غلبةً دائمةً، كما سيأتي في تفسير الشيخ رحمه الله.
بعد أن بَيَّن الشيخ -رحمه الله- في الآية الأولى صورةً ونوعًا من أنواع الظن السيئ، بَيَّن جزاءه وعقوبة أهله، فقال رحمه الله: وقوله تعالى: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [1] ، هاذه عقوبة أهل الظن السيئ بالله -عز وجل-، واعلم أن هاذه العقوبة لم يرد نظيرُها في غير الظن السّيئ، ولذلك قالوا: إن أعظم الذّنوب وأشدها عقوبةً ظنُّ السَّوْء بالله -عز وجل-؛ لأنه لم يرد نظير هاذه العقوبة في ذنبٍ من الذنوب، بل قال الله -عز وجل- في هاذه الآية: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} هاذا ليس في كل من تقدم، إنما هو في {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} لذلك قال: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} . كل هاذا في الصنف الثالث الذين ذكرهم الله -عز وجل- في هاذه الآية، وهاذا يُبَيِّن لنا عِظَم عقوبة وجرم أصحاب الظن السيئ بالله -عز وجل-.
(1) سورة: الفتح، الآية (6) .