الجواب: نعم يأتي الظن بمعنى اليقين، ومنه قول الله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} [1] . فالظن هنا بمعنى اليقين والاعتقاد؛ لأنه لا يمكن أن يُحمل على غير هاذا، فالآية تحتمل أن يكون الظن الذي هو تجويز غالب، ويحتمل أنه الظن الذي يكون اعتقادًا راسخًا.
وأيهما أشد؟
لا شك أن ما كان يقينًا واعتقادًا راسخًا اعتقاد السوء - أعوذ بالله- اعتقاد السوء برب العالمين أعظم وأشد جُرمًا، وأعظم خطرًا، ومثله تغليب الظن السيئ في الله -عز وجل-.
{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} ، من أين نعرف ما الذي يجب أن نظنه في ربنا؟ ما هي مصادر معرفة الظن الحق؟ لأن الله ذمَّهم على أنهم ظنوا فيه غير الحق، فما هي مصادر معرفة الظن الحق فيه جل وعلا؟
العلم بأسمائه، العلم بصفاته، العلم بأفعاله جل وعلا.
من أين نتلقَّى هاذه الأمور؟
من الكتاب ومن السنة، فمصدر الظن الحق: الاعتصام بالكتاب السنة، والإقبال عليهما، وما فيهما من الأخبار عن صفات الله وأسمائه وأفعاله جل وعلا، فمنهما -من الكتاب والسنة- يصدُر الظنّ الحق، ولا يمكن لشخص عَرَف الله- كما وصف نفسَه، وكما وصفه به رسولُه، بل كما أخبر الله عن نفسه اسمًا ووصفًًا وفعلاً، وكما أخبر الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ربه اسمًا ووصفًا وفعلاً- أن يتطرَّق إلى قلبه ظنُّ السَّوْء، بل لو ورد عليه واردٌ دفعه، وبادر إلى إزالته؛ لأنه قد لا يسلَم الإنسان من ظن السَّوْء في بعض الأحيان، لكنه ليس ظنّاً مستقرّاً، إنما هو شيء قد يهجم على القلب، فيدفعه بما معه من العلم بالله -عز وجل- والمعرفة به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
{يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} .
(1) سورة: الحاقة، الآية (20) .