الصفحة 833 من 952

وقد سألت شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن هاذا الحديث: (( ملعون من سأل بوجه الله ) ). وكأنه ما اطمأنَّ إلى هاذا الحديث، وقال: هاذا الحديث لا يَلْتَئِم؛ لأنه كيف ينهى عن المسألة، ويقول: (( ملعونٌ من سَأل بوجه الله ) )ثم يقول: (( وملعون من سُئِل بوجه الله )

ولكن قد أجاب عن هاذا العلماء فقالوا: إنه قد يُمنَع الإنسان من السؤال، ويجب على السائل أن يُجيب، فلا ترابطَ بين منع السؤال وبين إجابة السائل، وإن كان الحديث من حيث السند فيه وَهَنٌ، لكن شواهده تَعْضُدُه وتقويه.

كما أن الحديث حديث جابر الذي معنا: (( لا يسأل بوجه الله إلا الجنة ) ). فيه ضعفٌ، فهو من رواية سليمان بن معاذ وهو المشهور بابن قَرْبٍ عن ابن المنكدر عن جابر، وسليمان قال عنه العلماء قولاً ضعفوه فيه، فمنهم من قال: إنه لا يعرف، ومنهم من ضعفه.

المراد أنّ الحديث له من الشواهد ما يتقوى به، والمقصود ألا يُجعل وجه الله -عز وجل- في السؤال والطلب في دَنايا الأمور، بل لا يُسأل به إلا عظيمٌ مما يكون كالجنة، أو مما هو سبب لدخولها.

[المتن]

فيه مسائل:

الأولى: النهي عن أن يُسأل بوجه الله إلا غاية المطالب.

[الشرح]

وهو: الجنة.

[المتن]

الثانية: إثبات صفة الوجه.

[الشرح]

وهاذا واضح؛ لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة ) )فأثبت الوجه. والوجهُ صفة ثابتة لله -عز وجل- بالقرآن والسنة، هاذا من السنة، وأما القرآن فقول الله -عز وجل-: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإِكْرَامِ} [1] . وهاذا أقوى وأصرح دليل لإثبات صفة الوجه؛ لأنه وَصَف الوجه بأنه ذو الجلال، فقال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإِكْرَامِ} ، فالوصف للوجه لا للرب جل وعلا، وهو صفة للرب -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على ما يليق به كما مر معنا.

(1) سورة: الرحمان، الآية (27) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام