قال رحمه الله: (عن جابر قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( لا يسأل بوجه الله إلا الجنة ) ).) وهاذا فيه النهي عن السؤال بوجه الله غير الجنة، يعني: لا يجوز له أن يسأل بوجه الله أمرًا من أمور الدنيا، ولا أمرًا دون الجنة.
وقد أخذ العلماء -رحمهم الله- من هاذا كراهية السؤال بوجه الله غير الجنة، وهاذا الأخذ فيه نظر، فإن الحديث يدل على تحريم ذلك؛ لقوله: (( لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة ) ). لكنهم قالوا: إنه قد ورد الاستعاذة بوجه الله فيما هو دون الجنة، كقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما ثبت عنه في السنن في ذِكر دخول المسجد: (( أعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم وسلطانه القديم من شر الشيطان الرجيم ) ). وهاذا فيه استعاذة بوجه الله في شيء دون الجنة، وكذلك فيما جاء عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قرأ الآية التي فيها تنويع العذاب، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أعوذ بوجهك ) )عند كل نوع من أنواع العذاب، حتى قال: (( {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} [1] ، فقال: هاذا أهون ) ). فدل ذلك على أنه يُسأل بوجه الله ما دون الجنة، ولذلك قالوا: يُكرَه؛ لأن هاذا الحديث خُصِّصَ بتلك الأحاديث التي فيها استعاذة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بوجه الله في أمر دون الجنة.
(1) سورة: الأنعام، من الآية (65) .