الصفحة 828 من 952

(( من صنع إليكم معروفًًا ) ). المعروف: هو كل نوع ووجه من أوجه الإحسان، صغير أو كبير، فكل من أحسن إليك ولو بالابتسامة حقه المكافأة، ولا فرق بين أن يكون المعروف واجبًا على الفاعل؛ يعني: على مُسدِي المعروف، على مَن صنعه، وبين أن يكون مستحبّاً، ولا وجه للتفريق، بل الشريعة لم تأت بالتفريق، وعموم الحديث يشمل من صنع معروفًا واجبًا عليه، ومن صنع معروفًًا مستحبّاً، فقول الناس: (لا شُكْرَ على واجبٍ) ليس له وجه، بل الشكر يكون على الواجب وعلى المستحب؛ لعموم قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من صنع إليكم معروفًا فكافئوه ) ). يشمل هاذا ما إذا كان المعروف واجبًا على المحسن كإخراج الزكاة مثلاً، إذا أعطاها مستحقَّها فحقُّ من أخذ أن يَشكر من صنع إليه معروفًا وهو صاحب الزكاة، وإن كانت الزكاة واجبة على مَن؟ على المزكِّي، وعلى هاذا فقِسْ من أنواع المعروف الواجبة، المهم: أن قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من صنع إليكم معروفًا ) )يشمل المعروف الواجب، والمعروف المستحب.

(( فكافئوه ) ). أي: قابلوا هاذا المعروف بما تجزونه به على وجه المكافأة.

وقوله: (( كافئوه ) )يدل على أن هاذه المكافأة من محاسن الأخلاق، ومما ندب إليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويظهر من الحديث أن المكافأة واجبة؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( فإن لم تجدوا ما تكافئونه ) )أي: ما تقابلون به إحسانَه من جنسه أو ما هو أعلى منه (( فادعوا له حتى تُرَوا أنكم قد كافأتموه ) ).

(( فادعوا له ) )أي: اسألوا اللهَ له الخير.

وإلى متى يكون ذلك؟ (( حتى تروا ) )، فـ (( حتى ) )هنا: غَائِيَّة.

(( تُرَوا ) )، أو (( تَرَوا ) ): تعلموا أو تظنوا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام