الصفحة 826 من 952

ومن السؤال بالله -وهو أعظم- أن يسأل بوجه الله كما سيأتي في الباب الذي بعده، فإنه داخل في عموم السؤال بالله، ولكنه في منزلة أعلى من السؤال بالله مجردًا عن ذكر الوجه، وقد جاء فيمن سئل بوجه الله ولم يُجِب وعيدٌ شديد، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في الطبراني من حديث أبي موسى الأشعري: (( ملعونٌ من سأل بالله، وملعون من سُئل بالله ثم لم يعطِ ما سئل ما لم يكن هُجْرًا ) )أي: قبيحًا. فهاذا الحديث يدل على عِظَم ترك إجابة السائل بوجه الله -عز وجل-، وعلى كلٍّ سيأتي الكلام على هاذا الحديث في الباب القادم.

المهم: أنه يُكره ردُّ من سأل بالله -عز وجل-، والأصل فيمَنْ سُئل بالله أن يجيب، ما لم يكن من الأحوال التي لا يجوز له الإجابة، أو يُندب له عدم الإجابة، أو ما إلى ذلك، لكن إذا قلنا: الأصل فهاذا الأصل الذي يُرجع إليه عند الاشتباه، الأصل الندب إلى إجابة من سأل بالله -عز وجل-؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من سأل بالله فأعطوه ) ).

وقوله: (( بالله ) )، الباء في قوله: (( بالله ) )هل هي قَسَم أو توسُّل؟

يحتمل القسم ويحتمل التوسل، يحتمل أن يقول: بالله عليك أعطني، هاذا من السؤال بالله؛ لأنه من الإقسام بالله عليه. ويحتمل أنه توسلٌ إلى مطلوبه ومقصوده، بأن يقول: أسألك بالله، وهنا لم يُقْسِم بالله، لكنه توسَّل إلى المسؤول بالله وتعظيمه أن يجيبه إلى ما أراد.

في الحال الأولى: إذا لم يُجَب السائل فإنه عليه الكفارة، في الحال الأولى إذا قال: بالله عليك أعطني، فلم يعطه المسؤول، فعلى السائل كفارة؛ لأنه حَنِثَ في يمينه، وإن كان الحِنْثِ من قبل جهة أخرى، لكنه وقع في الحِنث فتجب الكفارة عليه. وإن كان متوسِّلاً فقال: أسألك بالله، فهاذا لا كفارة عليه؛ لأنه ليس من القسم، وليس من الحنث في اليمين.

قال رحمه الله: (( ومن استعاذ بالله فأعيذوه ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام