الصفحة 825 من 952

والسؤال بالله يكون بأن يسأل السائلُ المسؤولَ بالله ويتوسل إليه بالله جل وعلا، فيقول: أسألكَ بالله، هاذا من أعظم ما يكون، وأقرب ما يدخل في الحديث، ويدخل فيه أيضًا ما لو سأله بوصف من أوصاف الله -عز وجل-، أو بفعل من أفعاله، كأن يقول: أسألك بالذي لا إلاه غيره، أو: أسألك بالذي أعطاك كذا وكذا. فالأول فيه السؤال بوصف من أوصاف الله -عز وجل-، والثاني: بفعل من أفعاله. ويشهد له ما مر معنا قريبًا في حديث أبي هريرة في قصة الثلاثة: الأبرص والأقرع والأعمى، حيث جاءهم الملك في الصورة التي كانوا عليها فقال: (( أسألك بالذي أعطاك الجلد الحسن واللون الحسن والمال، والأعمى: بالذي رد عليك بصرك، والأقرع: بالذي أعطاك الشعر الحسن والمال ) ). فهاذا سؤالٌ بالله -عز وجل-، لكن سؤال بفعل من أفعاله، والسؤال بفعل الله كالسؤال بالله، لكن أعظم ذلك أن يسأله باسم الله الصريح، وهو أن يقول: أسألك بالله، أو ما أشبه ذلك.

قال: (( فأعطوه ) ). أي: فأجيبوه إلى سؤاله مِن إعطائه مسألتَه، وهاذا على وجه الإلزام أو على وجه الندب؟ هاذا يختلف باختلاف المسألة: فإن كانت المسألة فيما يحل للإنسان أن يسأل، كأن يكون مستحقّاً للزّكاة فيسأل المال، أو مستحقّاً للإعانة فيسأل المستطيع، فهنا إجابة السّؤال واجبة. وأما إن كان فيما لا يجوز سؤاله، كأن يسأل الإنسان عن خصائص أموره التي لا يحبّ أن يظهرها وليس للسائل مصلحةٌ في إظهارها، فإنه لا يجب إجابتُه في هاذه الحال، وإذا سأله عمّا يجب كَتْمُه، فإنه لا يجوز للمسؤول أن يجيب السّائل.

المهم: أن حكم إجابة السائل بالله يختلف باختلاف المسؤول: فقد يكون واجبًا، وقد يكون مستحبّاً، وقد يكون محرمًا، لكن مِن حيث الأصل يُندب لمن سُئل بالله أن يُجيب سائله، ولذلك قال الفقهاء: يكره أن يَرد مَن سأل بالله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام