مِن العلماء مَن قال: إن قول الداعي: إن شاء الله في دعائه، اللهم وفقنا إن شاء الله، وأسأل الله لكَ التوفيق إن شاء الله، وما أشبه ذلك، أنه من الصورة التي نهى عنها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله: (( لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت ) )؛ لأنه لا فرق بين أن يقول: إن شئت، وبين أن يقول: إن شاء الله من حيث التعليق بالمشيئة، فالكل فيه تعليق بالمشيئة.
لكن الصحيح: أن (إن شاء الله) أخف من (إن شئت) من حيث الأدب مع الله -عز وجل-، وعدم استغناء العبد، فإن قوله: (إن شاء الله) لا يظهر منه الاستغناء كما يظهر من قول القائل: (( اللهم اغفر لي إن شئت ) ). فإن قول: (( اللهم اغفر لي إن شئت ) )يظهر فيه واضحًا أن العبد مُستغنٍ عن ربه، وأنه عالٍ على مسألته، أو أنه متعاظِم لمسألته، وأن الله لا يحققها، بخلاف قول: (إن شاء الله) فإنه لا يظهر فيه هاذا، لكن إن كان مقصود القائل التعليق بالمشيئة فهو مثل قوله: إن شئتَ، وإن كان أخف، فيُنهى عنه، لكن إن كان مقصود القائل من التعليق بالمشيئة التبركَ فإنه لا بأس به، ومن هاذا: ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا عاد مريضًا قال: (( لا بأس، طهور إن شاء الله ) ). على أن العلماء -رحمهم الله- اختلفوا في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( طهور إن شاء الله ) )هل هو دعاء أو خبر؟
فمن العلماء من يقول: إن قوله: (( طهور ) )هاذا خبر وليس دعاءً، فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخبِر بأن ما يَنزل بالإنسان من المرض يطهِّرُه ويكفِّر عنه خطاياه، فإذا كان خبرًا فلا شاهد فيه على جواز قول: (إن شاء الله) في الدعاء للتبرّك.
ما وجه الاستثناء إذا كان خبرًا (( طهور إن شاء الله ) )؟
قلنا: فيها وجهان:
وجهٌ أنها خبر، يخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن المرض يطهِّر المريض، فمن أين جاء الاستثناء؟