الصفحة 797 من 952

والقول الثاني الذي ذهب إليه جماعة من المحقِّقين من أهل العلم: أن الضمير في الآية يعود إلى جنس بني آدم، إلى الذرية، لا إلى آدم وحواء؛ لأن آدم -عليه السلام- قد قال الله -جل وعلا- فيه: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [1] . ومَن كان هاذا شأنه لا يقع منه الشرك، ولذلك ضرب ابن القيم -رحمه الله- صفحًا عن هاذا الأثر، وقال: لا يَغُرَّنَّكَ ما جاء وذكر القصة، فإنه لا يمكن أن يقع هاذا منهما بصَرْفِ النظر عن ثبوت الحديث من حيث السند، ولا شك أن هاذا القول يندفع به إشكالٌ كبير يتكلَّف الإنسان في الجواب عنه، فما الجواب عن التثنية في قوله: {فَلَمَّا آتَاهُمَا} ؟ نقول: الجواب: أن التثنية عائدة إلى الذَّكر والأنثى، ولا غَرابة في أن يكون أول الحديث عن أشخاص، ثم يَستَطْرِد الحديث إلى أنواع، وهاذا له نظائر كثيرة في القرآن، يبدأ الحديث عن أشخاص ثم ينتقل من الشخص إلى الجنس، من ذلك قول الله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [2] . هل الرَّجم للشياطين يقع بالنجوم التي هي زينة ومصابيح؟ الجواب: لا، إنما هو بالشُّهُب، لكنه انتقل من الشخص إلى الجنس، وهو جنس المضيء في السماء. ومن نظائره أيضًا: ما جاء في خلق الإنسان، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [3] .

(1) سورة: طه، الآية (122) .

(2) سورة: الملك، الآية (5) .

(3) سورة: المؤمنون، الآية (12) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام