فالناس مخلوقون من نفس واحدة، ثم بعد ذلك تناسَل من آدم وحواء بنو آدم، فالكلام في قوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} أي: لما آتى الله -جل وعلا- آدمَ وحواء ولدًا سليمًا، هاذا معنى قوله: {صَالِحًا} سويّاً {جَعَلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} ، وجاء ما يدل على هاذا القول: حديث سمرة في مسند الإمام أحمد وجامع الترمذي، فإن فيهما بيان الشرك الذي أشارت إليه الآية في قوله تعالى: {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ} ، حيث إن حواء طاف بها الشيطان، وكانت قد ولدت عدة أولاد لكنهم يموتون، فطاف بها الشيطان، فقال لها: سَمِّيه عبدَ الحارث، فسمَّتْه عبد الحارث فبقي، فعاش.
وجاء في الأخبار عن بعض السلف -والظاهر أنه من أخبار بني إسرائيل أن الشيطان كان اسمه الحارث-، كان اسمه الحارث لمَّا كان في الملائكة ومعهم، وهاذا الحديث كما ذكرناه هو في المسند والترمذي، ولكنه حديثٌ معلولٌ؛ فهو من رواية الحسن عن سَمُرة، ومعلومٌ أن الحسن لا يصحُّ سماعُه عن سمرة فيما عدا حديث العقيقة، كما أن فيه راوياً اختُلِف في توثيقه، كما أن المتن فيه نَكارة، ولذلك ضعَّفه جماعة من العلماء، وهاذا القول - على القول بثبوته، وأن الضمير يعود إلى آدم وحواء كما هو قول كثير من المفسرين - لا إشكال فيه من حيث وقوع الشرك، فإن الشرك في ظاهر الرواية لم يكن من آدم -عليه السلام-، ثم إن الشرك لم يكن شركًا عباديّاً، إنما هو شركٌ في التسمية فقط، لا في العبادة وصَرْفِها لغير الله -عز وجل-، وقد ذكر العلماء لهاذا الإشكال أجوبة عديدة.