لا يَتبيَّن المعنى في هاذه الآية إلا بالنظر إلى التي قبلَها، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [1] .
ثم قال تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} . أي: إنهما نَكَثا بالعهد الذي التَزَماهُ، وهو الشكر في قوله تعالى: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} فجعلا له شركاء، فنقضا العهد الذي تقدَّمَ وقد أقسما عليه؛ لأن قوله تعالى: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} اللام هنا هي الداخلة في جواب القسم، والتقدير: واللهِ لئن آتيتنا صالحاً لنكوننَّ من الشاكرين، فنقضا العهد ونكثا في اليمين، حيث جعلا له شركاء فيما آتاهما.
وهاذه الآية للمفسرين فيها قولان في مرجِع الضمير في قوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا} ، مرجِع الضمير اختلَف فيه أهل التفسير على قولين:
القول الأول: أن مرجِع الضمير إلى آدم وحواء عليهما السلام؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} . ثم بعد أن ذكر مبدأ خلق الإنسان وذكر الحَمْل ذكر هاذا الخبر، ومعلومٌ أن الذي خُلق من نفس واحدة هو حواء أولاً؛ لأن الله -عز وجل- خلق آدم من سُلالة من طين، ثم خلق منه حواء كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [2] .
(1) سورة: الأعراف، الآية (189) .
(2) سورة: النساء، الآية (1) .