الصفحة 791 من 952

(( وأتى الأعمى في صورته ) )أي: في صورة أعمى (( فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي ردّ عليك بصرك شاة أتبلّغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فردّ الله إليَّ بصري ) ). هاذا أقر بنعمة الله -عز وجل- عليه، وإحسانه إليه (( فخذ ما شئت ) )فحق تلك النعمة أن يقابل الإنعام بالإنعام (( فخذ ما شئت ) )أي من المال (( ودع ما شئت ) )أي من المال (( فوالله ) )وهاذا قَسَم لتأكيد ما سيقول (( لا أجهدك ) )أي لا أشق عليك، ولا أردك، وفي بعض النُّسَخ: (( لا أحُدُّك ) )أي لا أمنعك، في بعض نُسخ الصحيح. (( فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله ) )أي: لا أمنعك؛ طلبًا لما عند الله -جل وعلا-، ورغبة فيما عنده، وإخلاصًا له -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

(( فقال ) )الملك الذي جاء في صورة الأعمى: (( أمسك مالك ) )وهاذا فيه بيان أن هاذا الطلب وهاذا السؤال ليس إلا للامتحان والاختبار، وليس للأخذ، وهل هاذا له نظير في التكاليف الشرعية؟ الجواب: نعم، له نظير في التكاليف الشرعية، منها ما كلَّف الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- به إبراهيم -عليه السلام- في ذبح ابنه، حيث إنَّه أمره أن يذبح ابنه وابتلاه بهاذا البلاء العظيم. {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} [1] . أي حصل منك غرضنا ومقصودنا، وهو الاستسلام والامتثال لأمر الله عز وجل.

ومن هاذا نستفيد فائدة:

(1) سورة: الصافات، الآيات (103 - 105) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام