(ولا أجبن عند اللقاء) أي لقاء العدو، يعني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه القُرَّاء أي العلماء.
(فقال له عوف بن مالك) وهو من الصحابة الذين شهدوا هاذا القائل: (كذبت) أي لم يطابق قولُك الواقع، وهو صادق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فإنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه القُرَّاء صفاتهم عكس ما ذكر هاذا المنافق: فهم أقلُّ الناس ذات يد، فإنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يمر الهلال والهلال والهلال لا يوقد في بيته نار، وليس له من الطعام إلا الماء والتمر، وكذلك حال أبي بكر وحال عمر وحال السّواد الأعظم من الصحابة في وقت النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ-. وأما الكَذِب فقد برأهم الله منه، فهم أصدق الناس لسانًا وأصدقهم لهجة، وما بعث الله رسولاً كذَّابًا. وأما الجُبن: فكذاب، فهم أشجع الناس وأثبت الناس أفئدة عند اللقاء، بل إذا فر الناس نادى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه القُرَّاء العلماء الذين كانوا معه من أوَّل البعثة من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عن الجميع.
فالمنافق كاذب في دعواه، ولذلك بادر عوف بن مالك إلى تكذيبه، قال: (كذبت، ولكنك منافق) . يعني: السبب الحامل لك على هاذا القول هو نفاقك، لا شبهة أو دليل يؤيّد ما تقول، (لأُخبِرَن رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بما ذكرت، وبما رميت به النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه العلماء القراء.