وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في سبِّ الله وسبِّ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسبِّ القرآن أو شيء من آيات الله -عز وجل- هل تُقبل توبة صاحبه أو لا؟ بعد اتفاقهم على أنه كفر.
فذهب الجمهور إلى قبول التوبة في سبّ الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنَّ من تاب سقطت عنه المؤاخذة.
والقول الثاني وهو مذهب الحنابلة: أنَّ سابّ الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تُقبل له توبة، بمعنى أنَّه لا بد أن يُقتل حتى لو قيل بأنَّه يتوب بينه وبين الله، لكن لا بد من مؤاخذته وقتله على جرمه؛ لأن حق الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يسقط، ولا نعلم هل يُسقِطُه أو لا؟ أما حق الله بالاعتداء على الرسل فإنه يسقط بالتوبة.
وأما بالنسبة لسب الله -عز وجل- فأيضًا المسألة فيها قولان لأهل العلم:
جمهور العلماء على أن سابّ الله إذا تاب يتوب الله عليه ولا يلزمه قتل.
والقول الثاني وهو قول في المذهب -مذهب الحنابلة- أنه يُقتل، وهو مأثور عن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فإنَّ عمر سوَّى بين من سبَّ الله وسبَّ الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ذكر المؤلف -رحمه الله- بعد الآية شواهد، سبب النزول وهو ما نقله -رحمه الله- عن ابن عمر، ومحمد ابن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة. يقول رحمه الله: (دخل حديث بعضهم في بعض) ، دخل حديث بعضهم في بعض يعني أنه نصٌّ ملفق من روايات هؤلاء، فجمع ما في رواية هؤلاء في بيان سبب نزول الآية.
واعلم أن هاذه الآثار ذكرها ابن جرير الطبري -رحمه الله- عند تفسير الآية، وذكرها ابن أبي حاتم أيضًا، وأسانيدها حسنة، ويدلُّ عليها سياق الآيات.