الصفحة 734 من 952

قال: (( فإن طفيلاً ) )وهو أحد الصحابة (( رأى رؤيا ) )وحكم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنها رؤيا، والرؤيا من الله، فدل ذلك على أن ما رآه حق. (( أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها ) ). أبهم في هاذه الرواية سبب امتناع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الإنكار عليهم، وبين ذلك في رواية أحمد والطبراني حيث قال: (( كان يمنعني الحياء أن أنهاكم عنها ) ). والحياء الذي منعه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أن ينهاهم، هل هو الحياء المذموم؟ الجواب: لا، الحياء المحمود، وهو ألا يقول على الله بغير علم، فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يُوح إليه في شأن هاذه الكلمة بشيء، ولذلك لم ينه الصحابة عن هاذه الكلمة، وإلا فإن الله لا يستحيي من الحق، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أثنى على نساء الأنصار أنهن لم يمنعهن الحياء من التّفقه في الدين، فدلّ ذلك على أن الحياء الذي يمنع من التفقه في الدين مذموم، فكيف بالحياء الذي يمنع من تبليغ الدِّين؟ هو مذموم، وأشد ذمّاً؛ لأن التبليغ واجب، لا سيما على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي أمره الله عز وجل في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [1] . فأمره الله جل وعلا بتبليغ الرسالة، فالحياء الذي منعه في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رواية الإمام أحمد: (( كنتم تقولون كذا ) )أي كنتم تقولون كلمة (( يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها ) ).

(1) سورة: المائدة، الآية (67) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام