الصفحة 735 من 952

الحياء المحمود الذي معناه: أنه لم يُوح إليه في هاذه الكلمة شيء، ولذلك امتنع من أن يحرم على الناس شيئًا، أو يمنعهم من شيء لم يُوح إليه فيه شيء، فلما جاءت هاذه الرؤيا، وكأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان لا يطمئن لها، ولا يرتاح إليها، لكنه لم يمنعهم من شيء يكرهه بدون حجة ولا برهان، فلما جاءت هاذه الرؤيا عززت ما في نفسه من كراهية هاذه الكلمة فمنعهم؛ لأن الرؤيا من الله، وهي من طرق الوحي، ولا فرق في ذلك بين أن يوحى إليه مباشرة، وبين أن يرى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرؤيا، أو أن يراها أحد فيقرّ معناها. أما بعد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهل الرؤيا معتبرة في التشريع؟ الجواب: لا، ليست معتبرة في التشريع؛ لأننا لا نجزم بعصمة الرؤيا من الخطأ، فقد يُلَبَّس على الرائي إما في الرؤيا، وإما في فهمها وتعبيرها، فإذا كان الخطأ في الفهم يتطرق إلى النصوص المؤكّدة من حيث الثبوت كالقرآن والمتواتر من السنة، وما صح منها يخطئ في الفهم هاذا أو لا يخطئ؟ يخطئ في فهم الكتاب والسنة، فكيف في فهم الرؤى؟ فالخطأ فيها وارد، ولذلك لا يصدر عن الرؤى في التشريع، قد يستأنس ويميل الإنسان إلى ترجيح واختيار قول، لكنها لا يمكن أن تكون مصدرًا للتشريع؛ لأن الشريعة قد تمت ومصادرها واضحة: (( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام