يقول الطفيل -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود) . رأيت: يعني في المنام (كأني أتيت على نفر) يعني: جماعة (من اليهود قُلْتُ: إنكم) أي: القائل الطفيل (إنكم لأنتم القوم) على وجه الثناء والمدح، يعني: أنتم أنتم، (لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله) وقولهم هاذا ذكره الله في القرآن حيث قال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [1] . فأضافوا بنوة العزير إلى الله جل وعلا. (قالوا) أي: أجابه اليهود، (قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد) . يعني: أنتم القوم في توحيدكم وإخلاصكم واستقامة منهجكم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. واليهود قومٌ بُهْت، أصحاب ظلم في اليقظة والمنام، إذ لا سواء بين قول الصحابة: ما شاء الله وشاء محمد، وبين قولهم: عزير ابن الله، أيهما أعظم؟ قولهم عزير ابن الله أعظم ولا مقارنة، قال الله جل وعلا: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) } [2] . هاذا في قول النصارى في عيسى ابن مريم: إنه ابن الله، ونظيره قولهم، فهاذا التعظيم من رب العالمين في قولهم يُبَيِّن أنه قول عظيم، حيث وصفهم الله -جل وعلا- هاذا الوصف من الفظاعة والشدة والغلظة، فلا سواء بين قول الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-: ما شاء الله وشاء محمد، وهو نوع من التسوية اللفظية، وبين قول اليهود: عزير ابن الله.
ثم قال: (ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم) أي: في الاستقامة، وصلاح الدين (لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد) . فأجابوا بنظير ما أجاب اليهود.
(1) سورة: التوبة، الآية (30) .
(2) سورة: مريم، الآيات (90 - 92) .