الصفحة 718 من 952

وهاذا ليس خاصّاً بالمشيئة فقط، بل في كل شيء تذكر فيه الله -عز وجل- مع غيره لا بد أن تأتي بـ (ثم) التي تفيد التعقيب والتأخير، يُشْكِل على هاذا أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر طاعة الله وطاعة رسوله بالواو، والله -عز وجل- ذكر ذلك أيضًا في الكتاب، ذكر طاعة الله وطاعة رسوله وعطف بينهما بالواو، فهل هاذا يُشْكِل على هاذه القاعدة؟ فقول الخطيب: أطيعوا الله ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [1] ما قال: ثم أطيعوا الرسول، فالجواب على هاذا: أن طاعة الله هي طاعة رسوله، وطاعة رسوله هي طاعة الله، بخلاف المشيئة، فمشيئة العبد ليست مشيئة الله، لا يلزم أن تكون هي مشيئة الله؛ بل مشيئة الله غالبة، وأوسع من مشيئة العبد، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن: {وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فلذلك أجاز النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذِكر الطاعة بالواو، طاعة الرسول مع طاعة الله بالواو، ومنع ذِكر مشيئته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع مشيئة الله بالواو كما سيأتي في الباب الذي بعده.

يقول رحمه الله: (وجاء عن إبراهيم النّخعي، أنه يكره: أعوذ بالله وبك) الكراهية في كلام السلف تحمل على التحريم، يعني: ليست الكراهية التي لا يعاقب فاعلها؛ بل هي التي يلحق فاعلها الذنب والعقوبة، ليس فقط الذّنب؛ لأن الكراهة في كلام السلف تُحمل على التحريم، فقوله رحمه الله: (عن إبراهيم النخعي أنه يكره أعوذ بالله وبك) يعني: يمنع ويحرِّم (أعوذ بالله وبك) ؛ لأنه تسوية الله -جل وعلا- بغيره، فإن كان ولا بد فليقل: أعوذ بالله ثم بك.

قال: (ويجوز أن يقول: بالله ثم بك) ، أو ويُجَوِّز أن يقول: بالله ثم بك.

قال: (ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان) . وهاذه تقدمت في أول الباب.

(1) سورة: النساء، الآية (59) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام