الصفحة 665 من 952

قال رحمه الله: (لعله إذا رد بعض قوله) أي: بعض قول الله -عز وجل- أو قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك) . ولا شك أن رد قول الله أو قول رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبب للزيغ، وهاذا الزيغ قد يتمكن في القلب فيقع الإنسان بسببه في الهلاك، والله -جل وعلا- يَبتلي الناس، فإذا أفلح المؤمن في الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله كان ذلك سببًا لزيادة إيمانِهِ وصلاح حالِهِ، وإذا رد أمر الله أو أمر رسوله واستكبر عن الانقياد، كان هاذا من أسباب هلاكه ووقوعه في عَظَائِم الذنوب.

ثم قال رحمه الله: (عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ هاذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [1] الآية) وهي في سورة التوبة. (فقلت له) القائل مَنْ؟ عدي بن حاتم -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (إنا لسنا نعبدهم) . وهاذا القول منه لما قدم على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان نصرانيّاً، فقال: (إنا لسنا نعبدهم) . أي: لا نصلي لهم، ولا نزكي ولا نحج لهم، أي لا نتوجه بالعبادة لهؤلاء؟ (قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلّون ما حرم الله فتحلونه؟ ) )فقلت: بلى). أجاب بإيجاب أو نفي؟ بإيجاب، أي: يقع منا ذلك، فهؤلاء يحرمون الحلال فنحرمه، ويحلون ما حرم الله فنحله، هاذا معنى قوله: (بلى) . أي إنه يقع منهم هاذا. (قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( فتلك عبادتهم ) )). أي فهاذه هي عبادتهم، فخفي على عدي وجه اتخاذ هؤلاء أربابًا من دون الله، وظن أنهم لا يكونون أربابًا من دون الله إلا بصرف الصلاة أو الذبح أو غير ذلك من أنواع التعبد لهؤلاء، وظن أن طاعتهم في تحريم الحلال أو تحليل الحرام ليست من الشرك وليست من العبادة.

(1) سورة: التوبة، الآية (31) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام