وقوله تعالى: {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أليم: فعيل بمعنى مؤلم، أي: عذاب مؤلم، وهاذا فيه تحذير هؤلاء من هاتين العقوبتين.
قال رحمه الله: (أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك) . أي: إنه سبب للوقوع في الشرك، وقد جاء تفسير الفتنة بالكفر، ولا إشكال في المعنيين، فالفتنة تطلق على الشرك وتطلق على الكفر، ومنها قول الله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [1] . فإن المراد بالفتنة الكفر والشرك، وكذلك: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [2] ، فالمراد بالفتنة الشرك والكفر.
وكيف تكون مخالفة أمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سببًا للوقوع في الشرك والكفر؟
الجواب: أن من قدم رأيه على وحي الله -عز وجل- وهدي رسوله فقد أشرك مع الله -عز وجل- هواه، وصدق فيه قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [3] .هاذا إذا كانت مخالفة أمر الله ومخالفة أمر رسوله بسبب اتباع الهوى.
وقد يكون بسبب اتباع أمر من يأمر -كما هو الشأن في هاذا الباب- بتحليل الحرام أو تحريم الحلال، فيكون قد عَبَدَ هاذا المحُلَِّل للحرام، وهاذا المُحَرِّم للحلال، ولذلك يقع من خالف الأمر على هاذا الوجه في الشرك.
ثم إن الأمور لا تبتدئ بالشرك والكفر في أول الأمر، بل يتدرج الشيء بالإنسان حتى يبلغ به الشرك أو الكفر، كما قال السلف في المعاصي: إنها بريد الكفر.
(1) سورة: البقرة، الآية (217) .
(2) سورة: البقرة، الآية (191) .
(3) سورة: الجاثية، الآية (23) .