الصفحة 604 من 952

قال: (( وشق الجيوب ) ). الجيوب: جمع جيب، والجيب: المخباة؟ الجيب هو: مدخل الرأس من الثوب، هاذا هو الجيب، المكان الذي يدخل منه رأسك في الثوب هو الجيب، وليس ما اصطلح عليه الناس من أن الجيب هو: محل حمل الأغراض، والذي يسمى: المخباة.

فشق الجيوب أيضًا هاذا من أعمال الجاهلية التي تبرأ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من فاعلها في قوله: (( ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب ) ).

وشق الجيوب فيه إظهار السخط على قدر الله، والجزع مما قضاه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

ثم قال: (( ودعا بدعوى الجاهلية ) )أي: صاح واعتزى وتعزى بعزاء الجاهلية، فإن هاذا من أعمال الجاهليين الذين تبرأ منهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. ويدخل في دعوى الجاهلية النياحة على الميت، الندبة، النعي، الدعاء بالويل والثبور عند الموت، أو عند نزول المصائب، كل هاذا يدخل في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ودعا بدعوى الجاهلية ) ).

قال بعض العلماء: دعوى الجاهلية هي العصبية، وهي أن يقول الإنسان لقبيلته: يا آل فلان، فيأتون ينصرونه مع أنه ظالم، لقبيلته، أو جماعته، أو من ينصره، فهاذا من دعاء الجاهلية، كلا هذين المعنيين يدخلان في قوله: (( ودعا بدعوى الجاهلية ) ). لكن أيهما أنسب؟ الأول، بدلالة الاقتران، حيث إن المذكورات في هاذا الحديث كلها مما يتعلق بالجزع والتسخط وعدم الصبر على أقدار الله: (( ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية ) ).

هل فرق بين دعوى الجاهلية التي بمعنى العصبية- أن يدعو باسمٍ شريفٍ كالأسماء الشرعية التي أقرَّها الشرع- وبين أن يدعو باسمٍ من الأسماء التي لم يقرّها الشرع، أي: لم يأت بها الشرع؟ هل هناك فرق بينهما؟ يعني: هل هناك فرق بين أن يقول: يا للأنصار أو يا للمهاجرين، وبين أن يقول: يا للأوس ويا للخزرج؟

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام