أيضًا من الطعن في النسب: المفاضلة بين القبائل على وجه الفخر، والكبر، والعلو، فهاذا لا يجوز. كذلك من الطعن في النسب علو النسيب -يعني القبلي- على غيره، فإن هاذا من الطعن في النسب.
وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( والنياحة على الميت ) ). النياحة أصلها من النوح، وهو البكاء بصوت، وهاذا الصوت إما أن يكون كصوت الحمام في نوحها وبكائها، وإما أن يكون صوتًا يثير الحزن، ويجدد الهم، ويظهر التسخّط والجزع، كالبكاء الذي يصاحبه تعداد لفضائل الميت ورفع الصوت باسمه، فإن هاذا من النياحة.
بل إن بعض العلماء قال: إن من النياحة تعداد شمائل الميت ولو لم يكن معها بكاء. فهاذا أيضًا من خصال الجاهلية التي أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ببقائها في الناس.
الشاهد في هاذا الحديث: أي الخصلتين تشهد للباب؟ قوله: (( النياحة على الميت ) ).
ثم قال: (ولهما عن ابن مسعود مرفوعًا) ما معنى مرفوعًا؟ إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهاذا على وجه الاختصار، عوضًا عن قولهم: (قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، أو: (سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أو ما أشبه ذلك.
يقول: (( ليس منا من ضرب الخدود ) ). النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تبرأ بهاذا اللفظ من أصحاب أوصاف، أو من أشخاص؟ تبرأ من أصحاب أوصاف: (( ليس منا ) )أي: أهل الإسلام (( من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية ) ). الجامع في هاذه الخلال كلها الجزع، وعدم الصبر على أقدار الله -عز وجل-.