الصفحة 599 من 952

معنى الكلام على وجه التفصيل أو البيان: أن الكفر له شعب، فمن شعبه الطعن في النسب، والنياحة على الميت، وما ذكر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الغش، وغير ذلك من الصفات التي تبرأ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من فاعلها، وأخبر بأن فعلها كفر، فهاذه خصال الكفر، لكن هل يثبت لكل من اتصف بهاذه الصفات أنه كافر؟

الجواب: لا، فالنصوص دلَّت على أنه قد يكون في الإنسان خَلَّة من خِلال الكفر، أو وصف من أوصافه، ولا يثبت له الكفر المطلق، من ذلك قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أربع في أمتي من أمور الجاهلية لا يتركونهن ) ). فأخبر بأنها في أمته، والأمة هنا أمة الإجابة، ومع ذلك لم يرتفع عنهم هاذا الوصف، وكذلك قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي ذر لما عيَّر الرجل بأمه، قال له: (( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ). ولم ينف عنه أنه أصدق الصحابة، أو أصدق أهل الإسلام لهجة، فما ثبت من فضائله ثابت مع وجود هاذه الخصلة فيه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

المهم أن خصال الكفر إذا وجدت لا يلزم منها إثبات الكفر حتى يثبت ما يوجب الخروج، وهو الكفر المطلق.

كذلك خصال الإيمان لا تُثبت الإيمان إلا إذا وُجِدَ أهلها، أو إذا وجد أصلها، فمثلاً: عندنا رجل من أهل الكفر محسن، يحب الإحسان، إعانة الفقير، إعانة المسكين، كفالة الأيتام، هل يكون بهاذا مسلمًا؟ لا يكون بذلك مسلمًا، لماذا؟ لأنه لم يأت بأصل الإسلام، وهو الإحسان الذي هو أن يعبد الله كأنه يراه، وقبل هاذا لم يأت بالإسلام الذي هو قول: لا إلاه إلا الله، الشهادة لله بالإلهية، وللنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرسالة.

(( اثنتان في الناس هما بهم كفر ) ). للعلماء في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كفر) عدة أقوال:

أصوبها ما ذكرناه من أن المراد بقوله: (( هما بهم كفر ) )أي: إنهما من أعمال الكفار، ومن خصال الجاهليين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام