الصفحة 598 من 952

(( اثنتان ) )أي: خصلتان، وفي رواية: (( اثنان ) )، فيحمل على معنى المذكر، أي: أمران، أو خلقان، أو ما أشبه ذلك.

وقوله: (( في الناس ) ). الناس المراد به هنا عام أو خاص؟ الناس لفظ عام، لكن هل المراد به عمومه أو مرادٌ به الخصوص؟ الخصوص، المراد به أهل الإسلام؛ لأن غير أهل الإسلام فيهم من خصال الكفر ما هو أعظم من هاذا، فقوله: (( اثنتان في الناس ) ). أي: في هاذه الأمة من أهل الإسلام الذين انقادوا للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فهو من العام الذي يراد به الخصوص.

ومنه: قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ) ). فبيَّن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنها في الأمة، وأما غيرهم فعندهم أعظم من هاذا.

وقوله: (( هما بهم كفر ) (( هما ) ): أي هاتان الخصلتان، فالضمير المثنى يعود على الخصلتين.

(( بهم ) )أي: بالناس (( كفرٌ ) )أي: من شعب الكفر وأعماله وخصاله.

وقال بعض الشرَّاح: إن قوله: (( هما بهم كفر ) )من الانقلاب على وجه الاتساع، يعني: انقلب فيه التركيب على وجه الاتساع، والأصل أن يقول: (( هم بهما كفر ) ). ولكنَّ الظاهر أن قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا انقلاب فيه، بل هو على وجهه؛ لأن المقصود الحكم على هاتين الخصلتين (( هما بهم كفر ) )، وليس المقصود الحكم على الأمة، فإن الأمة لا يُحكم عليها بالكفر بمجرد وجود هاتين الخصلتين من خصال الكفر؛ لأنه كما أن للإيمان خصالاً لا يثبت الإيمان إلا بأصلها، فكذلك الكفر له شعب وخصال لا يثبت حكم الكفر المطلق إلا باستكمالها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام