وإذا استحضر الإنسان هاذا الأمر عند نزول المصائب عليه وحلول ما يكره كان حاملاً له على الصبر والرضا وعدم الكآبة الزّائدة على ما تقتضيه الحالة، فإن من الناس من إذا أصابه شر انقلبت أموره، وساءت أحواله، واسودّت الدّنيا في عينيه، وهاذا خطأ؛ لأنه ضعفٌ في الإيمان بالله -عز وجل-، ولو صدق في إيمانه وكمَّله لهدى الله قلبه إلى اليقين، وإلى الصّبر على قضاء الله -عز وجل-.
(وقول الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} . قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة.)
قوله رحمه الله: (هو الرجل تصيبه المصيبة) يشمل المصيبة الدينية، والمصيبة الدنيوية، ويشمل المصيبة التي من الله -عز وجل-، والمصيبة التي ترتبت على فعل العبد، فكل هاذا يدخل في قول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [1] فالآية تشمل كل المصائب التي يصاب بها العبد، فإنه إذا صبر عليها هدى الله -جل وعلا- قلبه، وهداية القلب هي دلالته على ما فيه خيره.
ثم قال: (فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم) . فيعلم أنها من عند الله أي: أنها بعلمه، وكتابته، ومشيئته، وخلقه، إذا اجتمع له تمام الإيمان بهاذه المراتب الأربع حمله ذلك على الرضا والتسليم، وعدم المدافعة لما قضاه الله، وعدم الجزع مما قضاه الله، والمقصود بالمدافعة: أي ما لا يمكن دفعه، أما ما يمكن دفعه فإنه يدافع؛ لأنّ قدر الله يدفع بقدر الله كما قال عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (نفر من قدر الله إلى قدر الله) .
ثم قال رحمه الله: (وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:(( اثنتان في الناس هما بهم كفر ) )) ثم بيَّن قالك (((الطعن في النسب، والنياحة على الميت ) ).)
(1) سورة: التغابن، الآية (11) .