فقوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} الهداية هنا هداية التوفيق إلى العمل الصالح، فالله -عز وجل- يهدي قلبه، وخصَّ القلب بالهداية لأن هداية القلب هي المقصودة في الأصل: (( ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ) )فالذي يُعْقَد عليه الصلاح والفلاح والنجاة يوم القيامة هو هداية القلب وصلاحه، ولذلك قال: {يَهْدِ قَلْبَهُ} وإذا هُدِيَ قلبه فهل ستهتدي جوارحه وأعماله؟ الجواب: نعم، لا بد، ما لم يوجد مانع، لكن لو قال: يهد بدنه هل يلزم من هاذا هداية القلب؟ الجواب: ما يلزم؛ لأنه قد يصلح الظاهر ويكون الباطن فاسدًا، كما هو الحال في من؟ في المنافقين، فالمنافقون صلحت ظواهرهم بشرائع الإسلام، ولكن خربت قلوبهم بخلوِّها من الإيمان.
(قال علقمة: هو الرجل) ، أي: المقصود بالآية (تصيبه المصيبة) أي: تنزل به المكروهات، فالمصيبة هي ما يكرهه الإنسان في ماله، في نفسه، في أهله، في من يحب، كل هاذا يدخل في قوله رحمه الله: (تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله) أي: أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (01) علمها، وأنه (02) كتبها، وأنه (03) شاءها، وأنه (04) خلقها، أربعة أمور؛ لأنه لا يتم الإيمان بالقدر إلا إذا آمن بهاذه الأربع المراتب، فيعلم أنها من عند الله علمًا، وكتابة، ً ومشيئةً، وخلقًا، إذا آمن العبد بهاذا فإنه لا بد أن يرضى ويسلم، يرضى بقضاء الله، ويسلم: أي يستسلم لا يدافع ما قدَّره الله عليه مما لا يمكن مدافعته، بل يسلم للقضاء، ويرضى بما جرى به القلم؛ لأنه من الله جل وعلا.