ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- في هاذا الباب آيةً وأحاديث، فقال: (وقول الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} .) والإيمان بالله إنما يتحقق بتكميل أصول الإيمان: فيؤمن بأن الله هو رب كل شيء
-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وأنه إله كل شيء، وأنه -سبحانه وبحمده- له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، هاذا الإيمان بالله. وإذا أُطلق الإيمان بالله فإنه يستلزم بقية أركان الإيمان: كالإيمان بالملائكة والكتب والنبيين واليوم الآخر والرسل والقدر خيره وشره، فإنه إذا أطلق الإيمان بالله، ولم يقرن به غيره دخل فيه بقية أصول الإيمان؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما سئل عن الإيمان قال: (( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء -أو بالقدر- خيره وشره ) ). فهاذه أصول الإيمان كلها إذا نظرت تندرج تحت الإيمان بالله، وإن كان كل واحدٍ منها يجب الإيمان به على وجه الانفراد.
فقول الله -عز وجل-: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} أي: من كمَّل إيمانه بالإيمان بهاذه الأصول الستة {يَهْدِ قَلْبَهُ} أي: يمنح قلبه الهداية. والهداية هنا هداية الدلالة والإرشاد والبيان أو هداية التوفيق والإلهام والعمل؟ هداية التوفيق والعمل؛ لأن الأولى حصلت بالإيمان: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} . فالإيمان لا يمكن أن يحصل لأحد إلا إذا علم ما الله، وما صفاته، وما يجب له.