الصفحة 590 من 952

أما الأول فقال: (عن ابن عباس أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل عن الكبائر؟ فقال:(( الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله ) )) وهاذه كبائر كما وصفها في الأثر، لكنَّها ليست على درجة واحدة، فأعظم ذلك الشرك؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [1] ثم بعده اليأس من روح الله، ثم بعد ذلك الأمن من مكر الله. واليأس كما تقدم هو قطع الرجاء والأمل والطمع في ما عند الله -عز وجل-.

وهنا (اليأس من رَوْح الله) الرَّوْح بمعنى: الرحمة، أي: من رحمة الله، وسمِّيت الرحمة رَوْحًا لأنه يحصل بها الفرج لمن جاءته، ولمن مسَّه الكرب.

وقوله: (والأمن من مكر الله) . هاذا فيه أنَّ الأمن من مكر الله من الكبائر، وقد يصل بصاحبه إلى الشرك، كما أخبر الله -جل وعلا- عن المشركين في قوله: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} .

ثم قال رحمه الله: (وعن ابن مسعود قال:(( أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله ) ).)

(( أكبر الكبائر: الإشراك بالله ) )وتقدم، وذلك بأن تجعل لله -عز وجل- ندّاً في شيءٍ مما يختص به الله -عز وجل-، سواءً في الإلهية، أو في الربوبية، أو في الأسماء والصفات.

قال: (( والأمن من مكر الله ) ). هاذا ثاني ما أخبر بأنه من الكبائر، وذلك أن من أمن مكر الله -عز وجل- وقع في مغاضبه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

(1) سورة: لقمان، الآية (13) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام