ثم قال: (( والقنوط من رحمة الله ) ). أي: شدة اليأس من رحمة الله، فإن من اشتد يأسه من رحمة الله -عز وجل- منعه هاذا من العمل الصالح، وأوقعه في سوء الظن بربه، ومن أساء الظن بالله -عز وجل- فإنه واقعٌ في شرٍّ كبيرٍ؛ لأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد قال في الحديث الإلهي: (( أنا عند ظن عبدي بي ) ). لكن لا يحمل هاذا الإنسانَ على الغرور، بل يجب على الإنسان أن يسير إلى الله -عز وجل- بالخوف والرجاء والمحبة.
قال: (( واليأس من روح الله ) )هاذا كالتكرار للذي قبله، وذكرنا أنه إذا اجتمعا كان القنوط له معنى واليأس له معنى، وفي هاذا يكون القنوط أشد أحوال اليأس، وهو ما كان في القلب وظهر على الجوارح.
وهاذا الأثر رُوِيَ مرفوعًا عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكنه لا يصح مرفوعًا، إنما يصح موقوفًًا على ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، ومثله هل هو مما يقال بالرأي؟ مثله يغلب أن لا يقال بالرأي، يعني: يغلب على الظن أنه مما لا يقوله برأيه، إنما تلقاه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم قال المؤلف رحمه الله:
[المتن]
فيه مسائل
الأولى: تفسير آية الأعراف.
الثانية: تفسير آية الحجر.
الثالثة: شدة الوعيد في من أمن مكر الله.
الرابعة: شدة الوعيد في القنوط.
[الشرح]
الأمن من مكر الله الواقع من الكفار هو أنهم يفعلون ما يفعلون من الكفر والشرك، والمخالفة لأمر الله ورسوله، والمحادة له ولرسله، ويظنون أنّ ذلك لن يضرهم، هاذا الأمن الذي يقع من أهل الشرك.
الأمن الذي يقع من أهل الإيمان، ويجب أن يحذروه في أمور، ذكرنا منها أمرًا، وهو ألا يؤاخذهم الله -عز وجل- بذنوبهم، أن يؤخر عنهم العقوبة، ويستدرجهم بالتأخير.
الثالث: أن يؤاخذهم بذنوبهم في حال محبتهم نصر الله -عز وجل- وتأييده، فإنَّ من سيِّئات الذنوب أن الله -جل وعلا- يخذل العبد في موطنٍ يحب أن ينصره فيه.