الصفحة 550 من 952

{وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} فسَّرها ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بالمودة، وفسَّرها غيره بالعلائق، فسَّرها غيره بالمحاب، وفسَّرها آخر بالأرحام، قال ابن القيم رحمه الله: (وكل هاذه التفاسير صحيحة) . يعني: من حيث المعنى؛ لأنها في الحقيقة تنقطع، كل هاذه الأمور تنقطع، والمعنى: أنَّ كل الوُصَل والعُلَق التي بين الناس من أجل الدنيا، أي لغير الله -عز وجل- تزول بزوال الدنيا، فما بينهم من مواد، من مودَّات، وما بينهم من أرحام، وما بينهم من أنساب، وما بينهم من أموال، كل ذلك ينقطع بانقطاع الدنيا، وهاذا معنى قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} وهو معنى قول ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الذي نقله الشيخ رحمه الله: (وذلك لا يجدي على أهله شيئًا) لأنه ينقطع ويزول.

ذُكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: إذا أردت أن تعرف قدر الإسلام في الناس، فلا تنظر إلى كثرتهم في الجوامع، ولا إلى ازدحامهم في أبوابها، إنما انظر إلى محبتهم لأولياء الله وبغضهم لأعداء الله.

فإن هاذا أمر عزيز، وهاذا مما ذكره ابن مفلح رحمه الله في كتاب (الآداب الشرعية) وقرأته على شيخنا محمد رحمه الله، فتعجب منه، وأُعجب به؛ لأنه قول حقيق، وذلك أنّ قليلاً من الناس يراعي جانب الحب في الله، والبغض في الله، والمنع لله، والعطاء لله، بل يحب ما تشتهيه نفسه، ويبغض ما تبغضه نفسه، فلا يراعي حق الله -جل وعلا- في المحاب والمباغض، والمؤمن إنما يستكمل الإيمان بما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان) .

ثم قال:

[المتن]

فيه مسائل:

الأولى: تفسير آية البقرة.

الثانية: تفسير آية براءة.

الثالثة: وجوب محبته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على النفس والأهل والمال.

الرابعة: نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام.

[الشرح]

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام