الصفحة 549 من 952

ثم قال: (ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك) . حتى يكون كذلك كيف؟ حتى يحب في الله، ويبغض في الله، ويوالي في الله، ويعادي في الله. (وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا) . هاذا في زمن التابعين، يتكلم ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عن حال الناس في زمن التابعين، (صارت عامة مؤاخاة الناس) يعني ما بينهم من صِلات إنما سببه الدنيا، فكيف بالناس بعد ذلك؟.

يقول: (وذلك لا يجدي على أهله شيئًا) أي لا يُحصِّل به أهله شيئًا من الخير الذي يبقى ويثبت؛ لأن كل هاذا يزول، كما قال الله جل وعلا: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [1] ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (وقال ابن عباس في قوله: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} قال: المودة) ، أي انصرم حبل المودة بينهم، متى؟ يوم القيامة، وذلك أنَّ ما كان للدنيا ينقطع بانقطاعها، أما ما كان لله فهو دائم ببقاء الله جل وعلا، وهو -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الأول والآخر، الظاهر والباطن، الذي ليس قبله شيء وليس بعده شيء، ليس فوقه شيء وليس دونه شيء -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فما كان له فهو دائم باقٍ؛ لأنَّ ما كان لله باقٍ لا يزول ولا ينقطع، بخلاف ما كان للدنيا فإنه ينصرم حبله، وينقطع أوده بانقطاع سببه، وهو ما يكون في هاذه الدنيا بزوالها.

(1) سورة: البقرة، الاية (166) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام