الصفحة 548 من 952

والثالث: كراهية ما يضاد محبة الله ورسوله، وهي في الخصلة الأخيرة التي فيها: (( أن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار ) ).

قال: (وفي رواية:(( لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى .. ) )) وهي في معنى ما تقدم.

يقول: (وعن ابن عباس قال: من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تُنال ولاية الله بذلك) .

(من) شرطية، ثم ذكر فعل الشرط (أحب في الله) وعطف عليه أفعالاً أخرى، وهي (وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله) ذكر فعلين يتعلّقان بالقلب، وهما: الحب والبغض: (من أحب في الله وأبغض في الله) هاذا من عمل القلب.

ثم ذكر فعلين يكونان في القلب، وتظهر آثارهما في الجوارح، وهما: (والى في الله، وعادى في الله) . وبهاذا نعلم أنه لا يتحقق للإنسان كمال الإيمان إلا بالانقياد ظاهرًا وباطنًا لله عز وجل ورسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ونظير هاذا قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان ) )فالخصلتان الأوليان من أعمال القلب أم من أعمال البدن؟ من أعمال القلب.

العطاء والمنع من أعمال القلب أو من أعمال البدن؟ من أعمال البدن، فبهاذا يكتمل تحقيق الإيمان في الظاهر والباطن، وهاذا معنى قول ابن عباس: (من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تُنال ولاية الله بذلك) . والولاية هنا مأخوذة من (ولي الشيء) ، فهي بمعنى القرب وهو المحبة، فإنما تُنال محبة الله، والقرب منه -سبحانه وتعالى- بذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام