الصفحة 545 من 952

وهنا نكتة بليغة في هاذا الحديث تربط الحديث بالباب الذي نبحث فيه، وهي المحبة الشركية، إذا كانت هاذه محبة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكيف بمحبة الله؟ أعظم، إذا كان الواجب على العبد أن يقدم محبة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على كل محبة فكيف بمحبة الله الذي لا خير إلا من قبله، والذي ما بالإنسان من نعمة إلا منه جل وعلا؟ محبته أعظم وأجل وأكبر، وهاذا وجه ربط هاذا الحديث بالباب، المؤلف -رحمه الله- أراد أن يبين لنا منزلة محبة الله بما ندركه من محبة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإذا كان الرسول وهو مخلوق لا يُسوّى غيره به، بل لو سووا أحداً غير رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به في المحبة لكان منقوص الإيمان: (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) )، فكيف بمحبة الله التي يجب أن يفرد بها؟ لا شك أن شأنها أعظم وأجل، هاذا في المحبة التابعة كما ذكرنا قبل قليل، فمحبة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- محبة تابعة، فكيف بالمحبة الأصلية التي هي محبة الله؟ لا شك أن شأنها أجلّ وأعظم، ولذلك يجب أن يحرّر الإنسان هاذا المقام، فإن مقام المحبة أصل الأعمال القلبية وأصل الأعمال الجوارحية، فبقدر تحرير الإنسان وتحقيقه لمحبة الله -عز وجل بقدر- ما يحصل له من كمال الإيمان واستقامته.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام