الصفحة 512 من 952

والاهتداء هنا في البر، ويشمل الاهتداء بها في معرفة الأوقات ومعرفة الجهات، وأيضًا معرفة الفصول، وما أشبه ذلك مما هو من علم التّسيير.

قال: (فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه) من تأوّل أي من ذهب فيها غير هاذا المذهب وفسّرها بغير هاذه العلل وعمل بها في غير هاذه الأمور، فتأوّل هنا يشمل التفسير ويشمل العمل (فمن تأوّل فيها غير ذلك) يعني: غير ما تقدم ذكره مما دلت عليه النصوص (أخطأ وأضاع نصيبه) أخطأ: هاذا فيه الحكم على الفعل، وأضاع نصيبه: هاذا فيه بيان العقوبة المرتّبة على ذلك الفعل، والنصيب هو الحظ، وإضاعة النصيب فقده وخسرانه، والمقصود بالنصيب هنا حظه من الآخرة.

ثم قال: (وتكلف ما لا علم له به) وهاذا لا إشكال فيه، تكلف ما لا علم له به؛ لأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لم يذكر إلا هاذه الأمور الثلاثة، ولو كانت لغير ذلك وفيها مصلحة للناس ونفع لما سكتت عنها النصوص؛ لأن النصوص جاءت مبينة لكل شيء دالة على ما ينفع الناس ويحصل لهم به الخير.

ثم قال -رحمه الله بعد أن ذكر ذلك-: (وكره قتادة تعلم منازل القمر) . منازل جمع منزلة، وهي المراحل التي ينزل بها القمر، وهي ثمانية وعشرون منزلاً ينزلها القمر في الشهر، وتنزلها الشمس في العام، وبعضهم قال: إنها منازل ينزلها القمر في السنة، لكن الظاهر الأول: أنه ينزلها القمر في الشهر.

ولذلك يختلف القمر من حيث الظهور والخفاء باختلاف هاذه المنازل التي ينزلها وتنزلها الشمس في عام كامل.

(ولم يرخّص ابن عيينة فيه) أي: لم يرخص ابن عيينة في تعلم منازل القمر، وهاذا احتياط منهم للتوحيد، وألا يقع الناس في شيء مما وقع فيه أهل الشرك والكفر من اعتقاد تأثير هاذه النجوم وما أشبه ذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام