الصفحة 510 من 952

وبهاذا نجيب على ما في صحيح البخاري من حديث هرقل الذي فيه أنه أخبره الحزّاء بأن ملك العرب قد ظهر، فجمع من كان من العرب في بلاده وصارت المناقشة التي دارت بينه وبين أبي سفيان، فالحزّاء -والحزاء هو الذي ينظر في النجوم- أخبره بما سيكون ووافق خبره الواقع، لكن هاذا لا يدل على صحة هاذا العلم؛ بل هاذا العلم باطل، وقد سألت عن هاذا شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله- فقال: لا يمكن أن يثبت بهاذا شيء من هاذا العلم الذي أبطله الله ورسوله، وإنما هي موافقة فلا يحتجّ بهاذا، وهم -أي الذين يقولون بعلم النجوم- يستندون إلى عدة مشتبهات يجعلونها أصولاً لهم في صحّة ما يذهبون إليه من علم التنجيم، ومن ذلك ما أخبر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- به في قصّة مجادلة إبراهيم لقومه حيث قال: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [1] .

قال هؤلاء الذين يدّعون أن للنجوم أثراً: إن إبراهيم استفاد شر خروجه من نظره في النجوم، ولذلك اعتذر وقال: إني سقيم ولم يخرج، لكن هاذا ليس بصحيح، ولا نريد أن نذكر ما استدلوا به من الحجج؛ لأن هاذا يطول، وقد تكلم عليها غير واحد من العلماء، من أبرزهم وأبهرهم وأشهرهم الإمام ابن القيم -رحمه الله- تكلم كلاماً وافياً جيداً في إبطال ما يستند عليه المنجمون من صحة علم التنجيم في كتاب مفتاح دار السعادة، فليراجع فإنه كلام جيد نفيس، وليس في ما استدل به هؤلاء إلا الشبه، وإلا فإن الحق بيّن، وقد أبطل الله -جل وعلا- ذلك، ولذلك ذكر المؤلف -رحمه الله- في هاذا الباب حصر ما يستفاد من النجوم في ما نقله عن قتادة، وليس من ذلك معرفة ما يكون في المستقبل.

واعلم أن علم النجوم ينقسم إلى قسمين: علم يتعلق بالتأثير وعلم يتعلق بالتسيير، علم تأثير وعلم تسيير.

(1) سورة: الصافات، الآيات (88 - 89) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام