الصفحة 509 من 952

أصل المادة مأخوذ من النجم وهو: الطّالع، وأطلقت على الوقت، لكن هاذا ليس هو المقصود في هاذا الباب، إنّما المقصود في هاذا الباب هو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، هاذا هو المقصود بالتنجيم في هاذا الباب، الاستدلال بالأحوال الفلكية يشمل حركة النجوم وأشكال النجوم واقتران النجوم ومطالع النجوم ومغارب النجوم وما إلى ذلك ممّا يكون في السماء من شأن النجوم يستدلون بها على ما سيكون وما سيحدث، هاذا هو التنجيم الذي عقد له المؤلف -رحمه الله- هاذا الباب.

ومناسبة هاذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة؛ لأن التنجيم نوع من الشرك في الربوبية؛ لأن المنجم يعتقد أن الكواكب تفعل، أو يعتقد أنها سبب للفعل.

وهو أيضًا -التنجيم- يتصل بشرك الإلهية، من حيث إنّ من يعتقد في النجوم يتقرّب إليها بذبح أو نذر أو عبادة من العبادات، كما كان يفعله قوم إبراهيم، حيث صوّروا للنجوم والكواكب هياكل وأصناماً يتقرّبون إليها ويعبدونها من دون الله.

إذاً تبيّن لنا أن هاذا الباب له اتصال بالتّوحيد من جهتين: من جهة توحيد الرّبوبية، ومن جهة توحيد الإلهية.

أما مناسبة هاذا الباب لما قبله: فإنّه في الباب السابق ذكر الطِّيرة، وقبله ذكر السحر والكهانة، وهي كلها من الطرق التي يستكشف بها الغيب ويستجلى بها ما يكون في المستقبل، فذكر التّنجيم لأنه طريق من الطرق التي تُسلك في الكشف عن المغيّبات، وهو -أي التنجيم- علم باطل يبنى على الحدس والظن والتخمين، فليس مبنيّاً على قواعد راسخة ولا على أصول واضحة، إنما هو حدس وظن وتخمين، فيخبر بما يكون في المستقبل بناءً على هاذا، ولا يعني أنه لا يمكن أن يوافق الواقع، فقد يوافق الواقع في بعض الشيء: إما لكون الجن تسترق السمع وتنسب العلم الذي تخبر به المنجمين إلى النجوم، أو إلى غير ذلك من أسباب، المهم أنه قد يوافق الواقع موافقة، وليس أن النجوم لها أثر في ما يكون في المستقبل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام