الصفحة 506 من 952

الثاني: قالوا: إن الشؤم المثبت ليس ما نفي، إنما الشؤم في المرأة أن تكون سيئة الخلق، وفي الدار أن تكون ضيقة، وفي المركب أن يكون سيئًا غير هنيء، وفسروا ذلك بقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من سعادة المرء المرأة الصالحة والمركب الصالح والبيت الصالح، ومن شؤمه المرأة السيئة والبيت السيئ والدابة السيئة ) ). فقالوا: هاذا معنى الشؤم الذي أثبته رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

الطريق الثالث في الجمع بين أحاديث النفي والإثبات: أن النفي باعتبار ما يقع في نفس الإنسان لا باعتبار الواقع، يعني: أكثر ما يتشاءم الناس إنما يتشاءمون في هاذه الأمور، ويشهد لهاذا التّوجيه الأحاديث التي فيها التعليق، يعني: عدم الجزم بالخبر في الشؤم: (( إن يكن الشؤم في شيء ففي ثلاثة ) )، فهاذا يشهد أن غالب ما يكون من الشؤم إنما يكون في هاذه الأمور الثلاثة، وهاذا ليس فيه إقرار التشاؤم بهاذه الثلاثة، إنما فيه الإخبار عن أن غالب ما يقع فيه التشاؤم هو هاذه الأمور.

فإذا كان كذلك فينبغي للمؤمن إذا وقع له شر مصاحب لهاذه الأمور أن يتخلى عنها حتى يسلم من اعتقاد الشؤم فيها، وقد قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( لا طيرة ) )يعني لا تشاؤم، فالشؤم ليس في هاذه الأشياء.

هكذا وجهوا قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( الشؤم في ثلاثة ) )، وأكدوا هاذا المعنى لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما جاءه قوم شكوا إليه قالوا: إنا كنا في دار كثير عددنا، كثير مالنا، وانتقلنا إلى دار قل فيها عددنا وقل فيها مالنا؟ فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ذروها ذميمة ) )وذميمة فعيلة بمعنى مفعولة أي مذمومة، فنسب الذم إليها، وهاذا معنى الشؤم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام