{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [1] . فالشؤم الذي نزل عليهم من الله هو بسبب أعمالهم، وقد جاء ذلك مصرحاً به في تشاؤم الكفار بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حيث كانوا يقولون في قولهم للرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هاذه مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هاذه مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [2] الحسنات والسيئات المصائب والنعم {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وهاذا نظير الجواب هنا: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ} أي ما نزل بهم ممّا يسوؤهم ويكرهونه من عند الله، فكل بقضاء وقدر: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [3] .
ثم بعد ذلك بين الله -جل وعلا- لرسوله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التفصيل في هاذا فقال: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [4] من نفسك أي منك بسبب عملك وبسبب كسبك، وأما الحسنة فهي محض فضل من رب العالمين. فمعنى قوله: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} أي: إن شؤمكم الذي نسبتموه إلى موسى ومن معه إنما هو من عند الله، وذلك بسبب كفركم وجحودكم واستكباركم، وهاذا أحد ما قيل في تفسير هاذه الآية. وقيل في قوله: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} أي: ما قضي عليهم وقدر من عند الله، وهاذا عائد في الحقيقة إلى المعنى السابق.
(1) سورة: النحل، الآية (118) .
(2) سورة: النساء، الآية (78) .
(3) سورة: القمر، الآية (49) .
(4) سورة: النساء، الآية (79) .