وأما حلّ السّحر: فالسحر يحل بالسحر ويحل بغيره من الطرق، كالقراءة والتعاويذ والدعاء وإخراج السحر ونقضه، فالطرق كثيرة لحل السحر، لكن الكلام على من يدّعي أنه يستطيع أن يحل السحر، وأن يكشف ما بالمسحور، الغالب أن يكون ساحرًا.
وهاذا الكلام من الحسن -رحمه الله- يبين لنا أنه يرى تحريم النشرة؛ لأن النشرة التي شاعت في استخدام المتقدمين هي حل السحر بالسحر، ولذلك قال رحمه الله: (لا يحل السحر إلا ساحر) .
وقوله: (إلا ساحر) بيان لتحريم ذلك؛ لأنّ الوصف بالسحر لا يُوصف به إلا على وجه الذم، لا يكون على وجه المدح، حتى فيما ينفع.
وبهاذا نعلم أن السلف -رحمهم الله- اختلفوا في حل السحر بالسحر على قولين:
القول الأول: الإباحة.
والقول الثاني: التحريم.
وذكرنا هذين القولين، وذكرنا أدلة القائلين بجوازه للضرورة، وأدلة المانعين، وأجبنا على قول من قال: إن ذلك ضرورة، أليس كذلك؟ طيب.
ثم قال رحمه الله: (قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور) .
هاذا اسمها العام، فهي حل السحر عن المسحور، ولم يبين ابن القيم -رحمه الله- الطريق الذي يُسلك لحل السحر عن المسحور؛ لكونه يشتمل على الطرق المباحة وعلى طرق محرمة.
قال رحمه الله: (وهي نوعان) هاذا بيان أنواع حل السحر.
يقول: (حل بسحر مثله) أي حل السحر بسحرٍ مثله.
(وهو الذي من عمل الشيطان) يعني: هاذا الذي أجاب عنه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما سُئل عن النشرة فقال: (( هي من عمل الشيطان ) )؛ لأنها لا يمكن أن تكون طريقًا مباحًا لرفع السحر، إذ إن الفساد لا يُدفع بالفساد والشر لا يُدفع بالشر.