أولاً: تعين هاذا الطريق لتحصيل المقصود، يعني: لا سبيل إلى تحصيل المقصود إلا من هاذا الطريق المحرم، فليس هناك طرق أخرى يسلكها لتحصيل غرضه ومقصوده.
والثاني: تيقن حصول المقصود بارتكاب المحرم.
وهاذان الشرطان كلاهما منتفٍ في إتيان السّحرة لحلّ لسحر، فإن حلّ السحر لا يتعين له هاذا الطريق، يعني: ليس حل السحر فقط من طريق السحرة، بل يُحل السحر بغير ذلك، بالدّعاء والرقى والأسباب التي تُؤخذ وتُتّبع من غير الشرك والكفر، ومن غير إتيان السحرة، إذًا اختلّ الشرط الأول وهو ماذا؟ تعيّن هاذا الطريق لدفع الضرورة، فالآن لم يتعيّن إتيان الساحر لدفع الضرورة، هناك طرق أخرى.
الثاني: وهو تيقّن اندفاع الضرورة بارتكاب المحرم، هاذا أيضًا غير موجود، كثيرًا ما يذهب هؤلاء إلى السحرة ولا يحصلون مقصودهم، بل يصرفون أموالهم، ويكدون أبدانهم بالسفر والذهاب والإياب ولا يحصل لهم غرضهم، فليس حصول المقصود متيقّنًا.
إذًا الشّرطان اللذان يحصل بهما إستباحة المحرم للضرورة غير متوفرين، واضح؟ واضح أم لا يا إخوان؟
إذًا لا يجوز الإتيان إلى السحرة لحل السحر.
الأمر الثّاني في الجواب على إباحة إتيان السّحرة للضّرورة، أن العلماء قرروا أنه لا ضرورة في مسألة الدواء، يعني: مهما بلغ المرض بالإنسان فإنه لا ضرورة له في أخذ الدّواء؛ لأن الداء قد يندفع بلا سبب، وإذا كان كذلك فإنه لا يتعيّن ارتكاب المحذور، وليس ما يتعلق بالأمراض من الضرورات، وهاذا وجه ثالث وإن كان يرجع إلى أحد الشرطين ولكنه ذُكر مستقلاًّ وهو واضح إن شاء الله.
قال المؤلف رحمه الله: (وروي عن الحسن أنه قال: لا يحلّ السّحر إلا ساحر.)
هاذا بيان للغالب في حل السّحر، وأنه لا يكون إلا من السحرة، ولا يعني أن السحر لا يرتفع أثره إلا بالسحر؛ بل الكلام على الذين يدّعون أنهم يستطيعون حلّ السحر ويستطيعون كشف أثره، فهؤلاء في الغالب أن يكونوا سُحَّارًا، أو سحرةً.