الصفحة 476 من 952

وقال: (سُئل أحمد عنها فقال) أي سُئل أحمد عن النشرة فقال: (ابن مسعود يكره هاذا كله) يكره هاذا كله أي: يكره ماذا؟ يكره النشرة كلها، وهاذا ظاهره أنه يكره حتى المباح منها، ولكن هاذا الظاهر ليس متوجهًا؛ لأن ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هو راوي الحديث، حديث الرقى التي فيها الإذن، بل والحث في قوله: (( من استطاع منكم أن ينفع أخاه بشيء فلينفعه ) )، وهاذا يشمل نفعه فيما يتعلق بالسحر وبغيره من الأمراض التي تصيب البدن.

والإمام أحمد -رحمه الله- لما سُئل أجاب بأثر ابن مسعود لذلك، وهاذا الجواب لعله لعدم صحة الأحاديث عنده، وإلا فما يصرف الإمام أحمد الجواب من السنة إلى الأثر إلا لحكمة، وهي أنه لم يكن يثبت عنده شيء في ذلك، وهو الظاهر من اختياره -رحمه الله- كما سيتبين بعد قليل.

يقول: (وفي البخاري عن قتادة: قلت لابن المسيب: رجل به طب) يعني: به سحر (أو يؤخذ عن امرأته) يعني يُصرف عنها، ولا يتمكن من إتيانها، وهو ما يسمى بسحر الصرف (أيحل عنه) يعني: هل يطلب الحل عنه؟ أيحل عنه؟ هل يجوز أن يُسعى في حل السحر عنه؟ (أو ينشر؟) يعني: أو تُطلب له نُشرة وتستعمل النشرة في حل ما نزل به؟ (قال: لا بأس به) لا بأس به هاذا إذن وإباحة (إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه) .

فقوله: (لا بأس به) هو بيان لعدم المنع، وقوله: (إنما يريدون به الإصلاح) هاذا بيان لأن هاذا الفعل مستحب؛ لأنه إذا كان يراد به الإصلاح فالإصلاح مطلوب ومندوب إليه (إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه) ؛ لأن ما نُهي عنه هو الضار كما قال الله جل وعلا: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [1] فأنكر عليهم تعلم ما يضر وليس فيه نفع.

(1) سورة: البقرة، الآية (102) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام