الصفحة 475 من 952

ومن هاذا نعلم أن الإضافة قد تكون بسبب التزيين والدعوة والحث على الفعل ولو لم يباشره الإنسان، فهنا قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جواب السائل-: (( هي من عمل الشيطان ) ). وهاذا كافٍ في أي شيء؟ في التنفير عنها والتحذير منها وبيان منعها؛ لأن التحريم يستفاد من النصوص بصيغ عديدة، وليس بصيغة واحدة، من هاذه الصيغ أن يضاف العمل للشيطان، ومن ذلك قول الله تعالى في الأنصاب والأزلام والخمر: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [1] فأضافها إلى عمله وسعيه وتزيينه وحثه، والشيطان له أثر على قلب الإنسان من جهة دعوته إلى أعمال السوء والشر وتزيينها له.

قال المؤلف رحمه الله: (رواه أحمد بسند جيد) أي روى هاذا الحديث الإمام أحمد بسند جيد، وهاذا الحكم مستفاد من كلام ابن مفلح رحمه الله في الفروع، فإنه حكم على الحديث بهاذا الحكم، وحسنه الحافظ في الفتح، وتكلم عنه تضعيفًا أو تليينًا أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد، فقال بعد ذكر الأحاديث التي في هاذا المعنى: وهاذه الأحاديث والآثار لينة.

وهاذا أحد ما أُجيب به على الحديث على وجه العموم؛ لأنه إذا قلنا: النشرة هنا عامة تشمل كل ما يُحل به السحر عن المسحور حتى المباحات، فإنه يُشكل على ما جاء به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث ابن مسعود لما سُئل عن الرقى قال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه بشيء فلينفعه، وقال: لا بأس ما لم تكن شركًا، وهناك إذن وحث، إذن في قوله: لا بأس ما لم تكن شركًا، وحث في قوله: من استطاع أن ينفع أخاه في شيء فلينفعه.

ولذلك ضعف بعض العلماء الحديث من جهة السند وأيضًا من جهة المعنى، لكن الخروج من إشكال المعنى أن نقول: إن النشرة هنا الألف واللام فيها للعهد، وعلى هاذا فالحديث حكم على نوع خاص من النشرة وليس حكمًا على جميع أنواعها.

(1) سورة: المائدة، الآية (90) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام