الحالة الثانية: أن يسأله مع اعتقاده أنه لا يعلم الغيب، إنما يخبر بما يخبر به من استراق السمع، وهو يقر أنه لا يعلم الغيب إلا الله عز وجل، أو يسأله عن غيب نسبي، كأن يسأله عن مسروق أو عمّن فعل كذا، أو عن مكان الضالة ويعلم أن الكاهن يستعين بالجن لمعرفة هاذه الأمور، فهاذا كفر دون كفر، وهو متوعد بأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) ).
الثالث: الذي يسأل هزواً ويقول: خلينا نشوف إيش عنده، هاذا أيضًا يدخل في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من أتى كاهناً فسأله، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) )ولو كان على وجه المزح؛ لأن هاذا لا يجوز الاستهزاء به ولا المزح به؛ لأنه من الاستهزاء بآيات الله، إذ إن هاذا الرجل سيغتر ويظن أنه يُصدَّق قوله.
أما إن سأله، وهاذه هي الحالة الرابعة: إن سأله عن شيء يريد بيان كذبه وضلاله فإن هاذا مأجور على سؤاله، وقد فعله النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع ابن صياد.
وبهاذا تجتمع الأحاديث، على أن أكثر الأحاديث ليس فيها العقوبة السابقة: (( لم تقبل له صلاة أربعين يومًا ) )أو (( أربعين ليلة ) )إنما فيها: (( فقد كفر بما أنزل على محمد ) ).
يقول: (وللأربعة والحاكم وقال: صحيح على شرطهما عن أبي هريرة:(( من أتى عرافًا أو كاهنًا ) )). جمع بين الأمرين، جمع بين ما تضمنه الحديثان السابقان؛ العراف والكاهن، (( فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) )-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهاذا كالذي قبله في التّفصيل.
(ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفًا) يعني: على ابن مسعود، ولا يضره الوقف؛ لأن مثل هاذا لا يُقال بالرأي، إنما هو مما له حكم الرّفع؛ لأنه لا يخبر فيه الصحابي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- برأيه وقوله.