هاذا الحديث كالسابق في التحذير من إتيان الكهان، هناك ذكر العراف وهنا ذكر الكاهن، وهو داخل في المعنى السابق.
(( من أتى كاهناً فصدقه ) )يعني: فيما سأله عنه (( بما يقول ) )، وهنا الحديث يشمل تصديق الكاهن سواء كان السؤال منك أو من غيرك، فإذا جاء الإنسان للكاهن وصدقه في خبره ولو لم يكن هو الذي سأل فإنه مهدد بهاذه العقوبة؛ لأن العقوبة ليست لمجرد السؤال، إنما العقوبة في التصديق بالخبر، ولذلك من جاء إلى الكاهن وسأله يريد بيان كذبه وزيفه وتضليله فإنه يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، بل هو مأجور على هاذا، ولا يدخل في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا ) )، (( أربعين ليلة ) )ويدل على هاذا أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سأل ابن صياد، سأله عن أشياء لما شكّ الصحابة أنه الدجال، فسأله عن أشياء اختباراً له، ثم بيّن -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كاهن من الكهان، فقال له: (( اخسأ فلن تعدو قدرك ) )الشاهد في سؤال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابن صياد، وهاذا يدل على جواز سؤال هؤلاء الذين يدعون الغيب لبيان كذبهم وزيف ما يقولون، وأنهم يرجمون بالغيب.