أما الجواب، جواب الشرط فهو قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( لم تقبل له صلاة أربعين يومًا ) )لم تقبل، نفى القبول عن الصّلاة، والمراد بالصّلاة هنا الصلاة المفروضة والنّافلة؛ لأن (( صلاة ) )نكرة في سياق النفي فتعم كل صلاة، سواء كانت مفروضة أو نافلة، ونفي القبول دليل على أن سيئة إتيان الكاهن وسؤاله وتصديقه تحيط بالعمل الصالح فتحبطه، وليس المقصود أنّه يسقط عنه فرض الصلاة، بل هو مطالب بالصّلاة، ولو ترك الصلاة لكفر على قول بعض أهل العلم، إذا ترك صلاة واحدة وإذا ترك الصلاة بالكلية فهو كافر؛ لكن الكلام على أن نفي القبول هو بيان لعِظم سيّئة الفعل، لا لسقوط فرض الصلاة عنه، ولا لكونها لا تبرأ بها ذمّته، فذمته تبرأ ويسقط عنه المطالبة بالصلاة، لكن الأجر الذي يحصل من هاذه العبادة العظيمة الجليلة التي هي رأس العبادات وأعظمها وهي عمود الإسلام يذهب نفعها ولا يحصّل الإنسان من بركتها شيئاً، بسبب إتيان الكهان.
ورواية مسلم ليس فيها التصديق، فيكون هاذا العقاب المذكور في هاذا الحديث مرتّباً على إتيان الكهّان وسؤالهم ولو لم يصدقهم، فكلّ من أتى الكهان وسألهم عن أمر من أمور الغيب فإنه مهدّد بهاذه العقوبة العظيمة، وهي حبوط صلاته أربعين ليلة، فلا يقبل منه صلاة؛ لعِظم ما ارتكب.
واعلم أن هاذا الحديث اختص بهاذه العقوبة دون سائر الأحاديث التي فيها بيان عقوبة من أتى الكاهن، فالعقوبات المذكورة في الأحاديث غالبها الإخبار بكفر من أتى (( من أتى الكاهن فسأله ) )كما سيأتي في الأحاديث الأخرى، فحديث مسلم اختص بأنه ذكر عقوبة حبوط العمل، أو العقوبة التي فيه هي: حبوط العمل، حبوط الصلاة أربعين ليلة، وسنبين الجمع بين الأحاديث إن شاء الله تعالى بعد أن نستعرضها.
يقول: (عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال:(( من أتى كاهنًا فصدقه في ما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد ) ).)