الصفحة 438 من 952

فينبغي للمؤمن أن يأخذ بالأسباب الشرعية وينتظر الفرج من رب العالمين، فإن الله - جل وعلا - لا يخلف الميعاد، وما أخبر به صدق لا يتخلف ولا يتأخر.

ثم قال -رحمه الله في الاستدلال على ما جاء من الآيات المتعلقة بالسحر: (وقوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [1] {يُؤْمِنُونَ} أي يصدقون ويقرون ويقبلون بالجبت والطاغوت، والإيمان هنا ليس مجرد التصديق بالوجود، فإننا نصدق بأن السحر موجود وأنه حقيقة، وهاذا ما أجمع عليه علماء الإسلام أن السحر له حقيقة موجود، إلا أنهم اختلفوا: هل هو اختلاف في الحقيقة، أو أنه مجرد تخييل في نظر الرائي المسحور؟ وأما من حيث الوجود فإنهم يقرون بوجوده وأثره، ولكن منهم من يقول: أثره حقيقة، ومنهم من يقول: أثره مجرد تخييل، مع اتفاقهم على أن السحر لا يقلب الأعيان، فلا يحول العين من عين إلى عين؛ لأن هاذا لا يكون إلا من رب العالمين، إنما يصورون ويخيلون ما تنقلب به الأمور في نظر الإنسان، وهاذا أمر متّفق عليه.

فمعنى قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} أي يقرّون، فهاذا إيمان مستلزم للقبول والإقبال على هاذين الأمرين.

{بِالْجِبْتِ} الجبت: فسره عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كما نقل المؤلف -رحمه الله- فقال: (الجبت السحر، والطاغوت الشيطان) فهم يؤمنون بالسحر ويؤمنون بالشيطان.

(وقال جابر: الطواغيت: كهّان كان ينزل عليهم الشيطان، في كل حي واحد) ، وقد فسّر العلماء -رحمهم الله- الجبت والطاغوت بتفاسير متعددة، أجمعها ما ذكره أبو جعفر الطبري -رحمه الله- في تفسيره من أن الجبت والطاغوت اسمان لكل معظم بعبادة.

لكن لا بد من التفريق بين الجبت والطاغوت، فما هو الفرق بين الجبت والطاغوت؟

(1) سورة: النساء، الآية (51) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام