الصفحة 437 من 952

وبيّن الله عز وجل- بعد أن أغلق هاذا الطريق وبيّن فساد هاذا السبيل- الطريقَ النافع لتحصيل مصالح الدنيا والآخرة، فقال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بعد هاذه الآية: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [1] ، فدل هاذا على أن طريق تحصيل المنافع الدنيوية والأخروية هو الإيمان والتقوى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ} أي لرجعوا بالخير من الله عز وجل. وهاذه الآية تدل -أيضاً- دلالة واضحة على أن من أسباب دفع شر السحر على الإنسان التقوى والإيمان، فإنّ من أسباب دفع كيد السحرة وأتباعهم أن يتحصّن الإنسان بالتقوى والإيمان، فإنّ التقوى والإيمان يندفع بهما الضرر الحسي عن الإنسان، ويندفع بهما الضرر المعنوي، فإن الله -عز وجل- ذكر هاذا في هاذه الآية، وذكر أيضاً ذلك في الأذى المباشر الذي يصيب المؤمنين، فبعد أن ذكر -جل وعلا- ما ينال أهل الإيمان من أهل الكفر من أهل الكتاب والمشركين من الأذى قال -جل وعلا- في سورة آل عمران: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [2] فالصّبر والتّقوى، والإيمان والتقوى من أعظم ما يدفع به الإنسان عن نفسه الضّرر والشر الحسي والمعنوي، والنّاس لا يفطنون لهاذه الأسباب؛ لأنها أسباب قد لا تأتي نتائجها سريعة، والنّاس جُبلوا على محبة العجلة في تحصيل النتائج، فإنّ الإنسان خلق من عجل، فيريد أن يدرك ويحصّل مقصوده في أقرب برهة وأقصر زمن، وهاذا غلط؛ لأنّ الأمور تأخذ وقتاً حتى تؤتي ثمارها، فالإنسان يبذر الحبة ولا تنتج في لحظة ولا في لحظتين، إنما يحصّل النّتاج بعد زمن ووقت.

(1) سورة: البقرة الآيات (102 - 103) .

(2) سورة: آل عمران، الآية (120) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام